عدد المساهمات : 67 تاريخ التسجيل : 03/08/2009 الموقع : ــآلــريــآض ..} المزاج : FREE
موضوع: آداب الحوار الجمعة أغسطس 28, 2009 6:44 am
بسم الله الرحمن الرحيم آداب الحوار الصحيح
إن آداب الحوار الصحيح، هي بإيجاز: أولاً: حسن المقصد:ضع في اعتبارك أنه يحتمل أن يكون الخطأ عندك والصواب عند غيرك، فالله تعالى لم يحابك، ويختصك دون بقية خلقه بالعلم والفهم والإدراك والعقل، فإذا كان عندك حق، فعند غيرك حق، وقد يكون عندك حق كثير، وعنده حق قليل، وقد يكون العكس؛ فالقصد إحقاق الحق لا إسقاط الخصم . ثانيًا:التواضع بالقول والفعل: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الكبر بطر الحق وغمط الناس"(10). فمن التواضع أن تقبل الحق ممن جاء به حتى ولو كان أعدى أعدائك، وتعدّ ذلك ضالتك المنشودة، فأنت باحث عن الحقيقة .ومن التواضع ترك استخدام الألفاظ الدالة على التعالي والكبرياء، وازدراء ما عند الآخرين، كأن يقول: نرى كذا، وعندي، وأنا، وقلت، ونحو هذه الألفاظ. ثالثًا:الإصغاء وحسن الاستماع:الإصغاء إلى الآخرين فن قَلَّ من يجيده، ووضع أذنك للمتحدِّث، وحملقة عينيك بوجهه، وتأملك لما قال، يمكن أن يكون دليلاً على قوتك، وقدرتك على الحوار، رابعًا: الإنصاف: يمكن أن تستفيد من المحاور ولو كان فاسقًا أو كافرًا، فلتجرِّد نفسك، ولا تبالِ بالناس رضوا أم سخطوا، وكن باحثًا عن الحقيقة، كونك تقول في مناظرة أو محاورة أو محاضرة: أنا أخطأت في كذا، هذا يرفع منـزلتك عند الناس، ويدل على شجاعتك وقوتك، وثقتك بنفسك. خامسًا: البدء بمواضع الاتفاق والإجماع والمسلَّمات والبدهيات:يذكر عن سقراط -وهو أحد حكماء اليونان-، أنه كان يبدأ مع خصمه بنقاط الاتفاق بينهما، ويسأله أسئلة لا يملك الخصم أن يجيبه عليها إلا بنعم، ويظل ينقله إلى الجواب تلو الآخر، حتى يرى المناظر أنه أصبح يُقر بفكرة كان يرفضها من قبل. سادسًا: ترك التعصب لغير الحق: ما أعز وأصعب وأندر أن يتخلص الإنسان من التعصب -أي لون من ألوان التعصب-؛ فيحيط هذا الشيء بعقله، فلا يملك عقلاً متحررًا من القيود والأوهام؛ بل تجده يدور في فلك معين، ولا يستطيع أن يتقبل الحق إلا في إطار محدود. سابعًا: احترام الطرف الآخر: فليس النجاح في الحوار والمناظرة مرهونًا بإسقاطك لشخصية الطرف الآخر الذي تناظره، بل هذا دليلٌ على إفلاسك وعجزك، وأنك لا تملك الحجة؛ فاشتغلت بالمتكلِّم عن الكلام.ومن بديع احترام رأي الآخرين، ما ينقل عن الإمام مالك: أنه لمـَّا ألَّف الموطأ، ومكث أربعين سنة يؤلفه، وقرئ عليه آلاف المرات، وعرضه على سبعين من العلماء فأقروه عليه، وتعب فيه أيما تعب، ومع ذلك لمـَّا بلغ الخليفة المنصور كتاب مالك وأعجبه، وقال: إنا نريد أن نعممه على الأمصار، ونأمرهم باتباعه؛ قال له الإمام مالك: "لا تفعل -رحمك الله-، فإن الناس سبقت منهم أقاويل، وسمعوا أحاديث ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وما أتوا به، وعملوا بذلك ودانوا به وكل ذلك من اختلاف أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، ثم من بعدهم من التابعين، ورد الناس عما اعتقدوه ودانوا به أمر صعب شديد، فدع الناس وما هم عليه، ودع أهل كل بلد وما اختاروا لأنفسهم"(15). فلا حاجة إلى اللجوء إلى تبكيت الشخص الذي تخاصمه وإحراجه والسخرية منه . ثامنًا: الموضوعية: أي رعاية الموضوع، وعدم الخروج عنه. وهذا هو السبب الذي يجعل الإنسان يخرج من بعض المناظرات -ربما بعد ساعات- دون طائل، والموضوع يقتضي ألا تخرج من نقطة إلا إذا انتهيت منها، ثم تنتقل إلى غيرها. كذلك من الموضوعية: عدم النيل من المتحدث باتهامه في نيته أو الكلام على شخصه، فبعض الناس يقول: من هذا الإنسان؟ ما هدفه؟ ما تاريخه؟ من وراءه؟ ما درجته من العلم؟ ما قدره؟ كذلك ليس من الموضوعية: الاشتغال بالأيمان المغلظة،ومن الموضوعية: التوثيق العلمي، يعني إذا استدللت فلا تستدل بشائعات أو ظنون أو أوهام استقرت في عقلك أو في عقل من أمامك من الناس؛ بل استدل بالنصوص، والأدلة الواضحة؛ والبراهين الثابتة، والإحصاءات الدقيقة، تاسعًا: عدم الإلزام بما لا يلزم أو المؤاخذة باللازم:فإذا خالف إنسان أحد العلماء في قول، تأتي فتقول له: يا أخي، أنت خالفت فلانًا العالم، وهذا يلزم منه أنك ترى نفسك أعلم منه. وهذا غير صحيح، فلا يلزم من قوله وخلافه للعالم الفلاني ذلك، فقد يخالفه في هذه المسألة باجتهاده، وهو يعرف أن هذا العالم أعلم منه في كل المسائل، لكن هذه المسألة لا يسعه أن يقلده فيها، كما لا يلزم من مخالفته له أن أن يخطِّئه أو يضلِّله . كذلك يأتي إنسان فيقول: فلان قال قولاً ما سُبق إليه، وهذا يلزم منه أنه يحكم بأن الحق قد غاب عن الأمة كلها طيلة القرون الماضية.. والصحيح أنه لا يلزم ذلك. عاشرًا: اعتدال الصوت: كلَّما كان الإنسان أهدأ كان أعمق؛ ولهذا تجد ضجيج البحر وصخبه على الشاطئ، حيث الصخور والمياه الضحلة، وحيث لا جواهر ولا درر، فإذا مشيت إلى عمق البحر ولجته وجدت الهدوء، حيث الماء العميق ونفائس البحر وكنوزه؛ لذلك يقول المثل الغربي: "الماء العميق أهدأ". ودمتم في رعاية الله..